سورة الزخرف - تفسير تفسير الثعالبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


{الأخلاء} أي على الكفر والمعصية في الدنيا {يومئذ} يعني يوم القيامة {بعضهم لبعض عدو} أي إن الخلة إذا كانت كذلك صارت عداوة يوم القيامة {إلا المتقين} أي إلا الموحدين المتحابين في الله عز وجل المجتمعين على طاعته، روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الآية قال: «خليلان مؤمنان وخليلان كافران مات أحد المؤمنين فقال يا رب إن فلاناً كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك صلى الله عليه وسلم ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر ويخبرني أني ملاقيك يا رب فلا تضله بعدي واهده كما هديتني وأكرمه كما أكرمتني فإذا مات خليله المؤمن جمع بينهما فيقول ليثن كل منكما على صاحبه فيقول نعم الأخ ونعم الخليل ونعم الصاحب، قال ويموت أحد الكافرين فيقول رب إن فلاناً كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك فيقول ليثن كل منكما على صاحبه فيقول بئس الأخ وبئس الخليل وبئس الصاحب».
قوله عز وجل: {يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون} قيل إن الناس حين يبعثون ليس أحد منهم إلا فزع فينادي مناد يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون فيرجوها الناس كلهم فيتبعها {الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين} فييأس الناس كلهم غير المسلمين فيقال لهم {ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون} أي تسرون وتنعمون {يطاف عليهم بصحاف من ذهب} جمع صحفة وهي القصعة الواسعة {وأكواب} جمع كوب وهو إناء مستدير بلا عروة {وفيها} أي في الجنة {ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين} عن عبد الرحمن بن سابط قال: قال رجل: يا رسول الله هل في الجنة خيل فإني أحب الخيل قال: «إن يدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تركب فرساً من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت إلا فعلت وسأله آخر فقال يا رسول الله هل في الجنة من إبل فإني أحب الإبل قال فلم يقل ما قال لصاحبه فقال إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك» أخرجه الترمذي {وأنتم فيها خالدون}.


{وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون} ورد في الحديث «أنه لا ينزع أحد في الجنة من ثمرها ثمرة إلا نبت مكانها مثلاها» قوله تعالى: {إن المجرمين} يعني المشركين {في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم} أي لا يخفف عنهم {وهم فيه مبلسون} أي آيسون من رحمة الله تعالى: {وما ظلمناهم} أي وما عذبناهم بغير ذنب {ولكن كانوا هم الظالمين} أي لأنفسهم بما جنوا عليها {ونادوا يا مالك} يعني يدعون مالكاً خازن النار يستغيثون به فيقولون {ليقض علينا ربك} أي ليمتنا بل لنستريح والمعنى توسلوا به ليسأل الله تعالى لهم الموت فيجيبهم بعد ألف سنة قاله ابن عباس، وقيل بعد مائة سنة، وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «إن أهل النار يدعون مالكاً فلا يجيبهم أربعين عاماً ثم يرد عليهم» {قال إنكم ماكثون} قال هانت والله دعوتهم على مالك وعلى رب مالك ومعنى ماكثون مقيمون في العذاب {لقد جئناكم بالحق} يقول أرسلنا إليكم يا معشر قريش رسولنا بالحق {ولكن أكثركم للحق كارهون أم أبرموا أمراً} أي أحكموا أمراً في المكر بالرسول صلى الله عليه وسلم {فإنا مبرمون} أي محكمون أمراً في مجازاتهم إن كاد شراً كدتهم بمثله {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم} أي ما يسرونه من غيرهم ويتناجون به بينهم {بلى} نسمع ذلك كله ونعلمه {ورسلنا} يعني الحفظة من الملائكة {لديهم يكتبون} قوله عز وجل: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} معناه إن كان للرحمن ولد في قولكم وعلى زعمكم فأنا أول من عبد الرحمن فإنه لا شريك له ولا ولد له، وقال ابن عباس: إن كان أي ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين الشاهدين له بذلك. وقيل: معناه لو كان للرحمن ولد فأنا أول من عبد ه بذلك ولكن لا ولد له، وقيل: العابدين بمعنى الآنفين أي أنا أول الجاحدين المنكرين لما قلتم وأنا أول من غضب للرحمن أن يقال له ولد. وقال الزمخشري في معنى الآية: إن كان للرحمن ولد وصح وثبت ببرهان صحيح توردونه وحجة واضحة تدلون بها فأنا أول من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والتمثيل لغرض وهو المبالغة في نفي الولد والإطناب فيه مع الترجمة عن نفسه بثبات القدم في باب التوحيد وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد وهي محال في نفسها فكان المعلق عليها محالاً مثلها ثم نزه نفسه عن الولد.


{سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون} أي عما يقولونه من الكذب {فذرهم يخوضوا} أي في باطلهم {ويلعبوا} أي في دنياهم {حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون} يعني يوم القيامة {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} يعني هو الإله الذي يعبد في السماء وفي الأرض لا إله إلا هو {وهو الحكيم} يعني في تدبير خلقه {العليم} يعني بمصالحهم {وتبارك الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة} قيل سبب نزولها أن النضر بن الحارث ونفراً معه قالوا إن كان ما يقول محمد حقاً فنحن نتولى الملائكة فهم أحق بالشفاعة من محمد صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية وأراد بالذين يدعون من دونه آلهتهم ثم استثنى عيسى وعزيراً والملائكة بقوله: {إلا من شهد بالحق} لأنهم عبد وا من دون الله ولهم شفاعة وقيل المراد بالذين يدعون من دونه عيسى وعزير والملائكة فإن الله تعالى لا يملك لأحد من هؤلاء الشفاعة إلا لمن شهد بالحق وهي كلمة الإخلاص وهي لا إله إلا الله فمن شهدها بقلبه شفعوا له وهو قوله: {وهم يعلمون} أي بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم وقيل يعلمون أن الله عز وجل خلق عيسى وعزيراً والملائكة ويعلمون أنهم عباده {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله} يعني أنهم إذا أقروا بأن الله خالق العالم بأسره فكيف قدموا عبادة غيره {فأنى يؤفكون} يعني يصرفون عن عبادته إلى غيره {وقيله يا رب} يعني قوله محمد صلى الله عليه وسلم شاكياً الله ربه يا رب {إن هؤلاء قوم لا يؤمنون} قال ابن عباس: شكا إلى الله تعالى تخلف قومه عن الإيمان، وقال قتادة: هذا نبيكم يشكو قومه إلى ربه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6